من خلال متابعة وكالة أنباء فارس بشأن الهجوم الانتحاري الأخير، الذي نفذته طالبان ضد محطة تلفزيون “تولو” العلمانية، في كابول في العشرين من كانون الثاني 2016، والذي نجم عنه سقوط ما لا يقل عن سبع ضحايا وعشرين جريحاً. سنكتشف أن الجسور الثقافية لم تُدمر بعد. فقد تعرفت من خلال مراقبة البرامج والنقاشات والمناظرات الفكرية حول هذه المحطة التلفزيونية الفريدة من نوعها في كابول، على مخاوف مشتركة على نطاق واسع بين الصحفيين اللإفغان والفرس على حد سواء، حول حرية التعبير والحرية بشكل عام والسلام.

ما هي أهمية محطة “تولو”

توفر هذه المحطة الخدمات التلفزيونية المجانية للمشاهدين في 14 مدينة أفغانية والدول المحيطة بها، “تولو” محطة شبابية إخبارية تعمل في أفغانستان، تتناول التاريخ الفارسي وتبحث في مجموعة واسعة من القضايا الخطيرة التي تهم الأفغان، وحيث أن الجزء الأكبر من الإعلام الأفغاني يهمل ذلك، وما تبقى وسائل الإعلام الأخرى ليس لديها الرغبة أو غير قادرة على انتقاد القضايا المتعلقة بالقبلية والعرقية والمسائل المتعلقة بشؤون طالبان، تتصدى محطة “تولو” لهذه القضايا.

[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”]همايون علم
زميل باحث في مركز أبحاث فرانكفورت قسم العالم الإسلامي في معهد غوته في فرانكفورت. دكتورة في الثقافة الإسلامية وإيران والثقافة الفارسية.
[/one_fourth_last]


هذه المحطة، متابعة ومشاهدة في إيران وطاجيكستان وأوبكايستان وباكستان والشتات من قبل الكثير من الفرس في هذه البلاد.
لدى مراقبة عدة برامج تلفزيونية لهذه المحطة كـ “أفغانستان ستار” إلى جانب المناظرات الاجتماعية والسياسية والتاريخية، وجدت أن أكثر من 41% من الشعب الأفغاني يتابع برامجها.

محطة “تولو” وجمعية الصحفيين الإيرانية

في 25 كانون الثاني عام 2016، كتبت جمعية الصحفيين الإيرانية، في إيران وخارجها عبر البريد الإلكتروني وبالنيابة عن زملائهم في “الرفاق المثقفين” رسالة تبحث في قضايا حرية الكلام والتحرر والسلام. كما قد يكون معروفاً للكثيرين، منشورات الكتاب الإيرانية باللغة الفارسية، والممنوع عنها النور في إيران، تنشر حالياً دون رقابة في أفغانستان، وهذا ليس من الصعب كثيراً فهمه. الطاجيك والهزارة، الناطقة بالفارسية هي أقليات عرقية تعيش في إيران منذ عقود، ولها صلات كثيرة مع أصدقاء وأقارب وزملاء من الطلاب في أفغانستان. على الأقل، لا تزال العلاقات الثقافية في العديد من المجالات بين الإيرانيين من جهة والفرس في أفغانستان من جهة أخرى قوية.

جمعية الصحفيين الأفغانية

أدانت جمعية الصحفيين الأفغانية الهجوم الغادر ضد المحطة التلفزيونية، واصفاً إياه بأنه جريمة “ضد كل القيم الإنساني”. في السياق نفسه، حتى الأمم المتحدة اعتبرت يوم الاعتداء بأنه “الأربعاء الأسود ضد جميع وسائل الإعلام في تاريخ أفغانستان”.
أحد قيادات جمعية الصحفيين الأفغانية، محمد فهيم داشتى، الذي كان صديقاً حميماً لأحمد شاه مسعود، والذي نجا من الهجوم الانتحاري ضد مسعود يوم 9 أيلول عام 2001، قال: “من الآن فصاعداً، سندعوا طالبان بالإرهابيين. إانهم ليسوا إخواننا أو أبناء بلدنا، كما حاول كارزاي وغاني أقناعنا به منذ سقوط حكم طالبان”.

طالبان ضد أجيال جديدة

في الكثير من النواح، تعبر محطة تولو عن لسان حال الجيل الجديد من الأفغان. بنيت موظفيها من الفنانين والشعراء وعلماء الاجتماع، وصانعي الأفلام وغيرهم، من المهتمين بتوفير خطاب مضاد للعادات القبلية وجرائم الشرف، وأمراء الحرب من طالبان والنظام الأبوي. السبب الوحيد لهجوم طالبان ضد المحطة هو تغطيتها الواسعة للأحداث التي وقعت في مدينة قندز الأفغانية في خريف عام 2015، حيث ربطت “تولو” بين عناصر طالبان وحوادث النهب في المدينة. ونتيجة لذلك، شعرت طالبان بـ “الإهانة” عندما وصفتها المحطة في نشرة الأخبار بـ “العنصر” لخارج عن القانون.
في 23 كانون الثاني 2016 بعد ثلاثة أيام من الهجوم، أعلنت حركة طالبان بدء مفاوضات جديدة مع الحكومة الغني. واحدة من أمنيات الحركة هي أن يتم الاعتراف بها من قبل جهة رسمية في الحكومة الأفغانية كما هو الحال مع مكتبها في قطر.
على الرغم من تهديدات طالبان بشن المزيد من الهجمات ضد أولئك الذين يعارضونها، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الحركة غير متجانسة كثيراً بوجود العديد من وجهات النظر المختلفة داخل الجماعة.

[starbox id=”none”]