مرَّ الفن الإسلامي في العديد من المراحل التطورية التي اختلفت تبعاً لكل عصر. هذه المراحل التطورية تأثرت بالأحداث السياسية والاجتماعية في المنطقة وكانت الفروق بين الأعمال الفنية المختلفة أكثر وضوحا في العمارة، حيث أن فن البناء أكثر الفنون اتصالاً بالإقليم الذي ينشأ فيه. لقد كان تبادل العناصر الفنية وتأثر بعضها ببعض واضحاً وظاهراً بشكل ملموس في ميدان الفنون الزخرفية . كما يقول إرنست فيشر:
“إن عمر الفن يوشك أن يكون هو عمر الإنسان.”
وهذا ما نراه واضحا في العمائر الإسلامية الأولى مثل جامع الكبير في الرملة في فلسطين. يقع المسجد الكبير الأبيض وسط البلدة القديمة في مدينة الرملة Al-Ramla التي تعد من أكبر مدن فلسطين.
[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”][/one_fourth_last]الرملة هي من إحدى المدن التي أنشأت في العصر الإسلامي الأموي. أمر ببنائها الخليفة سليمان بن عبدالملك عام 715ميلادي وجعلها مقراً لخلافته حيث أخذت بالتوسع لتصبح واحدة من أهم المدن في العالم الإسلامي آنذاك.
والرملة ذات ميزة تجارية وحربية إذ تعتبر الممر الذي يصل يافا الساحل بالقدس الجبل وتصل شمال السهل الساحلي بجنوبه، وقد بقيت الرملة عاصمة لفلسطين نحو 400 سنة إلى أن احتلها الفرنجة عام 1099ميلادي. ودخلت الرملة كغيرها من المدن تحت الحكم العثماني 1832-1840ميلادي ثم الاحتلال البريطاني 1917- 1948ميلادي.
الجامع الكبير هو كنيسة القديس ماريو يوحنا المعمدان. أقامها الفرنجة في القرن الثاني عشر الميلادي وحولت الى مسجدا منذ القرن الثالث عشر.
قام الخليفة سليمان بن عبد الملك ببناء جامع الرملة عندما كان واليا على الرملة وأتمه في أثناء خلافته 674-717ميلادي.
وقد وصف هذا الجامع الذي يقع في وسط الرملة عند بنائها عدد من المؤرخين حيث قالوا: إنه كان من عجائب الدنيا في الهيئة والعلو. ويذكر المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم)،”تعرض الجامع لهزة أرضية عام 1033ميلادي”. ودمره الفرنجة فيما بعد ثم تم تجديد بناء الجامع في عهد صلاح الدين الايوبي 1138- 1193ملادي عندما استرد الرملة.
وفي عهد المماليك عندمادخل السلطان الظاهر بيبرس يافا 1262- 1265ملادي، قام بإضافات وترميمات حيث أمر بإعمار قبة المحراب والباب المقابل للمحراب والمنارة القديمة التي ما زالت قائمة. فيما بعد أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون ببناء منارة عظيمة 1318ميلادي. وأخر ترميمات الجامع حصلت في زمن السلطان العثماني محمد رشاد 1844-1918 ميلادي.
تجدر الإشارة إلى أن المسلمين كانوا يحتفلون بمناسبة دينية منذ مئات السنين في هذا المسجد كانوا يطلقون عليها “موسم النبي صالح“، وهم الذين يعتقدون بوجود مقامه في الجزء الشمالي من المسجد.
بني الجامع من الحجارة الكبيرة وتميز بمساحته الكبيرة المستطيلة الشكل ذات الأروقة الثلاثة. يفصل بينها بوائك من العقود المدببة المستندة على أعمدة ذات تيجان رخامية وبدن حجري، حيث تم دمج عدة أعمدة مشكلة دعامة ضخمة حاملة للعقود. أما فوق العقوذ، فقد فتحت نافذة قندلية فوق كل عقد من أجل الإنارة والتهوية وشكلت الأقبية المتقاطعة صلة وصل بين هذه العقود. يعلو البهو المتوسط الأكثر علواً عقد رأسي على الطراز القوطي مرتكز على سبعة أقواس متقاطعة.
للجامع صحن كبير مستطيل فتح على الجامع بعقود مدببة، لم يبق اليوم من المسجد سوى المئذنة الكبيرة، و يطلق عليها البرج الأبيض. تميز الجامع الأبيض الكبير بمئذنته الضخمة الجميلة ذات المسقط المستطيل. قسمت المئذنة إلى ثلاث أجزاء الجزء السفلي تميز بوجود باب ذو عقد مدبب يعلوه نافذة قمرية وفوقها نافذة ذات عقد ثلاثي الفصوص ، أما الجزءان العلويان تميزا بوجود ثلاثة عقود مستندة على عمدة مدمجة ووجد أيضاً نافذة قمرية ونوافذ مستطيلة.
[starbox id=”none”]