قد تكون المملكة العربية السعودية متوجهة نحو عاصفة مدوية من المشاكل الاقتصادية والتحديات الاجتماعية وأزمات السياسة الخارجية, وإن تدهور أسعار النفط وتقلبها تدفع بالمملكة إلى إعادة تشكيل الاقتصاد وهيكلته وتنويعه بل وحتى جعله أكثر عقلانية, فتقوم الحكومة بتخفيف الدعم تارة ورفع أسعار الخدمات تارة أخرى, إضافة إلى البحث المستمر عن مصادر أخرى للإيراد والإتجاه المباشر نحو الخصخصة وتعزيز دور المرأة.
يضاف إلى ذلك أن تخفيض المصاريف يأتي في وقت تواجه فيه المملكة العربية السعودية ضغوطات مالية كبيرة تستنزف مقدراتها بدءا من تدخلها العسكري المباشر في اليمن وصولا إلى سوريا بدعمها للثوار والمعارضين لنظام بشار الأسد إضافة إلى ضخها النقدي الكبير في مصر دعما للنظام الجديد وتدعيماً لأساساته, فهي الآن تلعب دورا هاما في خضم تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

إعادة توجيه الضربات للوهابية:

بالرغم من التوقعات بقيام الساعة بخصوص قابلية نجاح النظام السعودي, يعتمد مستقبله في طبيعة الحال بشكل طفيف على كيفية حل أي من هذه المشكلات بشكل فردي, وإنما سيتحدد بكيفية تعامل قادة السعودية وتفاوضهم مع مع الوهابية, فالتفسير المتزمت للإسلام الذي يحشر آل سعود أنفسهم في خانته, يشكل العائق الرئيسي بوجه حل المشكلات التي تواجههم.
فاعتمادا على تحالف بين عائلة آل سعود و المفسر ابن القرن الثامن عشر محمد بن عبد الوهاب تبنت المملكة العربية السعودية الحديثة تفسيراً للإسلام ليس بذاك البعد عن أسلوب ما يسمى ب”داعش”, فالمجموعات الجهادية والنزعة التوسعية حاولت التضليل واستخدمت تزمتها وتطرفها بشكل مستمر لتلائم حاجات الولاية وحكامها.
السؤال الذي يطرح نفسه هو فيما إذا كان نظام الحكم الملكي الوراثي في السعودية سيعطي الحكومة المخرج الملائم من التحديات العديدة التي تواجهها أم أن الصفقة الدينية التي تمت سيتم إعادة النظر فيها مما سيضع الكثير من إشارات الاستفهام حول شرعية حكم آل سعود.

جيمس إم. دورسيزميل بارز في معهد أس. راجاراتنام للدراسات الدولية – جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، المدير المساعد لمعهد فان الثقافة في جامعة فورتسبورغ، مؤلف مدونة، العالم المضطرب لكرة القدم بالشرق الأوسط وكتاب سيصدر قريباً بذات العنوان.

[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”][/one_fourth_last] فوجه آل سعود العديد من الضربات للوهابية أثناء عملية التحول الاقتصادي سعياً منهم إلى تمييز السعودية عمّا يسمى ب “داعش” وتحسين الصورة العالمية إضافة إلى ضمان عدم معاقبة المملكة على تمويلها لمدة أربع عقود المجتمعات الغير معتدلة والرافضة للتعددية الإسلامية في محاولة لمواجهة المد الثوري الإيراني. أضف على ذلك أنه كلما زاد رسوخ مفهوم “العلّامة” عن تأسيس السعودية وملائمته للدولة, كلما زاد من الانتقادات اللاذعة التي تتهم السعودية بالحيد عن طريق الإسلام الحقيقي.

مخاطرة لا يمكن تحمل عواقبها:

في محاولتها لتمييز نفسها عن داعش وضعت السعودية نفسها ضحية لعنف “الجهاديين” آخذة موقفا صارما في مواجهتهم في الداخل والخارج على سواء مع التزامها بتقديم قوات برية في سورية, لتترك إيران كالمصدر الرئيسي للعنف وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط, فنجحت جهود المملكة العربية السعودية وإنما فقط بشكل جزئي.
إن المخاطرة التي تجريها السعودية أصبحت واضحة أكثر من أي وقت مضى في مواجهة المجتمعات الوهابية والسلفية في أرجاء العالم كنتيجة للهجمات “الجهادية” كتلك التي حصلت في باريس في شهر نوفمبر. فعلى سبيل المثال تسائل اثنان من الأحزاب السياسية الرئيسية في هولندا عما إذا كان هناك أساس قانوني بمنع المجموعات الوهابية والسلفية. فإذا تم ذلك فسيؤدي ذلك إلى منع لتمويل مثل تلك المجموعات, وقد يدفع ذلك الحكومة الهولندية إلى أن تطالب المملكة السعودية بأن تزيل ملحقها للشؤون الدينية في السفارة السعودية, وبمرور الزمن ستلحق بها دول أخرى لتشمل الولايات المتحدة لتمنع مجموعات دينية ممولة من قبل المملكة.
وفي النهاية لا تستطيع السعودية أن تتحمل العقوبات التي تتحملها جراء دعمها لمجتمعات تقرض الشرعية لآل سعود, فرؤية آل سعود الاستراتيجية كما قالها سيمون هندرسون المراقب لقضية السعودية ” هي بكل وضوح, أفضل ما يمكن أن يخدم مصالح العائلة الحاكمة لآل سعود”

لا وجود لبديل فوري:

وبشكل مشابه سيتعين على الحكومة أن تحرر نفسها من الضوابط الاجتماعية التي فرضتها الوهابية سابقاً لكي توازن الاقتصاد في المملكة, وأن تبدأ بإدراج المرأة بشكل كامل في القوى العاملة إضافة إلى الابتعاد عن التأميم إلى الخصخصة وتنويع الموارد لتتخلص من الاعتماد على النفط بنسبة 90% من الإيرادات.
إن إعادة هيكلة الاقتصاد سيتطلب إعادة التفاوض مع الوهابيين والعقد الاجتماعي الذي سلم بمقتضاه الشعب حقوقا سياسية بالحكم لتحقيق مآرب اقتصادية,
يضاف إلى ذلك أنه بوجود نسبة بطالة عالية تصل إلى 29% من الشباب اللذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 29 عاما واللذين يشكلون ثلثي تعداد السكان تواجه الحكومة تحديات ضخمة على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء في وقت تقشف وقحط مالي. مما يدفع بالتزمت الإسلامي ليكون رفاهية بالنسبة للمملكة لاتستطيع تحمل تكلفتها, وربما يكون التحدي الأكبر لآل سعود هوعدم وجود بديل فوري يطرح نفسه ليستعيضوا به عن الوهابية في سبيل الحفاظ على الحكم المطلق الذي منحته إياهم.

ترجمة: أحمد هلال الدين

وبشكل مشابه سيتعين على الحكومة أن تحرر نفسها من الضوابط الاجتماعية التي فرضتها الوهابية سابقاً لكي توازن الاقتصاد في المملكة, وأن تبدأ بإدراج المرأة بشكل كامل في القوى العاملة إضافة إلى الابتعاد عن التأميم إلى الخصخصة وتنويع الموارد لتتخلص من الاعتماد على النفط بنسبة 90% من الإيرادات.

[starbox id=”none”]

By Mohanad Albaaly

A trained lawyer since 1997 and licensed by Damascus University Council. Mohanad is a human rights activits and he's also an editor at the MPC Journal in Arabic.