وصول داعش إلى قلب مصر ليست أكبر مشاكل السيسي فهناك ما هو أسوأ روبرت فيسك أبريل 15, 2017

انتقد الكاتب البريطاني روبرت فيسك إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حالة الطوارئ حتى من دون أن يرجع لحكومته كما فعل سابقيه السادات ومبارك، مؤكداً أن حالة الطوارئ هذه ستستمر عاماً على الأقل وليس 3 أشهر كما أعلن السيسي.

ورأى فيسك في مقاله المنشور بصحيفة الإندبندنت البريطانية أن الجيش والشرطة في مصر فشلا في إبقاء تنظيم داعش داخل سيناء، حيث وصل التنظيم الآن في القاهرة، والإسكندرية، وربما في كل المدن الفقيرة على طول وادي النيل.

وتوقع أننا سنرى مزيداً من القتل في شوارع العاصمة بعد تفجيرات الإسكندرية وطنطا، وربما لهذا السبب عاد الجيش إلى الشارع؛ إذ ستكون مهمته أن يقاتل إن اضطر لذلك، تماماً كما كان يفعل في سيناء على مدار العامين الماضيين.

نص المقال

يبدو أنَّ مصر عادت إلى عصر المعتقلات المُروِّعة، وغياب مذكرات الاعتقال، والاستجواب تحت التهديد، وذلك بعد إعلان الرئاسة المصرية حالة الطوارئ، التي أعادت الجيش إلى الشارع المصري مرةً أخرى.

لكن هذا أيضاً يمثل احتمالاً مخيفاً للرئيس عبدالفتاح السيسي في أعقاب التفجيرات التي طالت كنيستين في مصر، وأودت بحياة 45 مسيحياً قبطياً، لأنَّ هذا ربما يعني أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد نجح في الانتشار خارج منطقة سيناء، وذلك رغم الجهود الحثيثة للجيش المصري طوال الأشهر الماضية لمنع حدوث ذلك.

وقد يظن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنَّ السيسي “قد قام بعملٍ رائع في موقفٍ شديد الصعوبة”، لكنَّ في الواقع أداء السيسي كان مخزياً للغاية، وذلك نظراً لمسؤوليته عن تكرار حوادث الاختفاء لأي شخص لا يروق للأجهزة الأمنية المصرية، والسماح باستمرار عمليات التعذيب في أقسام الشرطة (ولا يجب أن ننسى حادثة الطالب الإيطالي ريجيني، الذي وُجِدَ مُعذَّباً، ومقتولاً، وملقى على قارعة الطريق الصحراوي خارج القاهرة)، والتظاهر بأنَّ جماعة الإخوان المسلمين، التي قاد السيسي انقلاباً ضدها، هي داعش.

ولكنَّها ليست كذلك، والحقيقة المسكوت عنها هي أنَّ أغلب أراضي شبه جزيرة سيناء كانت خاضعة لسيطرة داعش لشهور، تفشت فيها الظاهرة المروعة لهؤلاء المسلحين الذين يقتلون المسيحيين ورجال الجيش والشرطة في المنطقة بين قناة السويس وقطاع غزة.

هذا بينما يدَّعي السيسي، وهو الهراء الذي نسمعه مراراً من رؤساء آخرين، أنَّه “يفوز في الحرب على الإرهاب”. لكن، في الواقع، فإنَّ قوانينه وسياساته المدمرة تخلق المزيد من الإرهاب، وذلك بحرمان آلاف الشباب في مصر من أي أمل في عودة وطنهم إلى الحكم الديمقراطي مرةً أخرى.

ومع ذلك، بعد انقلابه العسكري، وتوليه الرئاسة في انتصارٍ مهيب معتاد في انتخابات الرئاسة المصرية، ظل مناصروه لشهور مصممين على أنَّه نجح في التصدي لداعش، وإبقاء التنظيم على الجانب الآخر من القناة.

لكن الجيش والشرطة فشلا في إبقاء التنظيم هناك، وأصبح داعش الآن في القاهرة، والإسكندرية، وربما في كل المدن الفقيرة على طول وادي النيل. وسنرى مزيداً من القتل في شوارع العاصمة بعد تفجيرات الإسكندرية وطنطا، وربما لهذا السبب عاد الجيش إلى الشارع؛ إذ ستكون مهمته أن يقاتل إن اضطر لذلك، تماماً كما كان يفعل في سيناء على مدار العامين الماضيين.

رغم ذلك، فالسيسي لديه مشكلات أخرى، فبإعلان حالة الطوارئ، التي أصر على أنَّها ستستمر لثلاث شهور فقط، ولكنِّي أُراهن على أنَّها ستمتد لعامٍ على الأقل، يثبت السيسي بفاعلية أنَّ الاستثمار لن يزداد في مصر في الأشهر القادمة.

ويأتي هذا بعد تقارير مارس/آذار المنصرم، التي أوضحت أنَّ اقتصاد القطاع الخاص المصري لم يتحسن مطلقاً. وكل هذا في أعقاب تعويم العملة المصرية، وتدابير التقشف التي أغضبت فقراء مصر.

وفي النهاية، من يرغب في الاستثمار في بلدٍ وصل داعش إلى عاصمته؟

حتى الرئيسين المصريين السابقين مبارك والسادات أبلغا مجالس النواب والوزراء الصورية في عهديهما بنيتهما إقرار قانون حالة الطوارئ، أما السيسي فلم يكلف نفسه هذا العناء، فحكومته لم تعلم بالأمر إلا أثناء خطابه رداً على الهجمات في الإسكندرية وطنطا. وهذا ما يفعله أي ديكتاتورٍ عسكري، حتى إن ادعى السيسي أنَّه رجلٌ ديمقراطي.

كيف جاء رد فعل إدارة ترامب على انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها شرطة السيسي؟ على عكس أوباما، وطبقاً للمصدر الرسمي المعتاد المجهول بالبيت الأبيض: “نفضل التعامل مع مثل هذه المواقف الحساسة بشكلٍ أكثر تحفظاً وسرية”.

لكن لِمَ يجب أن تكون جرائم حقوق الإنسان أمراً حساساً من الأصل؟ فنحن لا ننتهج نفس المقاربة الحساسة فيما يخص جرائم حقوق الإنسان في باقي دول الشرق الأوسط كالعراق وسوريا.

قد يظن ترامب أنَّ السيسي يتصرف بشكلٍ رائع، لكنَّه لا يفعل ذلك، بل يقود بلاده إلى الهاوية، بنفس الطريقة الفظة الأبوية المتعجرفة الوحشية التي انتهجها أسلافه عبدالناصر والسادات ومبارك.

تاريخ مصر لا يعيد نفسه، لكنَّه يستمر، عاماً بعد عام، وعقداً بعد عقد، بارتداده الصبياني إلى قوانين الطوارئ، والعنف، والفقر، وحبل المشنقة.

لنتأهب جميعاً لمحاكم السيسي الاستثنائية.

هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

One thought on “وصول داعش إلى قلب مصر ليست أكبر مشاكل السيسي فهناك ما هو أسوأ”

Comments are closed.