شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربات جوية ضد “داعش” في عام 2014، أوضحت إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، أن أمريكا لن تجر إلى مستنقع الحرب الأهلية السورية التي أودت بحياة مئات الآلاف منذ عام 2011.
ورغم ذلك، هناك مخاوف جدية يتم التعبير عنها في البنتاغون بأن الولايات المتحدة يمكن أن تجر إلى صراع إقليمي أوسع، ليس فقط مع سوريا ولكن مع إيران.
ويشعر المسؤولون بقلق خاص من أن جهود ايران الجارية لبناء منطقة سيطرة تمتد من طهران إلى بيروت في لبنان ستوسع الحرب الأمريكية في نهاية المطاف من خلال تهديد أمنى للقوات الأمريكية العاملة في جنوب سوريا بالقرب من الحدود مع العراق والأردن.
التطورات الأخيرة
وفي الأسابيع القليلة الماضية، اضطرت القوات الأمريكية إلى الرد على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران التي تتحدى المواقع التي توجد فيها قوات أمريكية في التنف. وقد وسع الجيش الأمريكي مؤخراً وجوده في المنطقة عبر إقامة عدد من “مناطق العمليات”. هذه القواعد الصغيرة هي إضافة إلى الحامية الرئيسية في التنف حيث تقوم القوات الأمريكية بتدريب الجماعات المحلية لمحاربة “داعش”.
كما أسقطت الولايات المتحدة طائرة سورية وطائرتين بدون طيار إيرانيتين في الأسابيع الأخيرة.
ويضيف هذا كله إلى القلق المتزايد من أن الحرب ضد “داعش” في جنوب سوريا قد تتصاعد حتماً لتصل إلى مقاتلة الولايات المتحدة النظام السوري وكذلك القوات المدعومة من إيران.
المهمة المعلنة للولايات المتحدة هي توسيع وجود القوات الأمريكية المتاحة لتدريب الجماعات المحلية لمحاربة “داعش”. وفي الوقت نفسه تدعم الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى هزيمة “داعش” في الرقة في الشمال، مع التركيز أيضاً على وادي نهر الفرات كهدف رئيسي بعد فرار قادة “داعش” من المدينة.
وحتى الآن، وُصفت اللقاءات مع قوات نظام الأسد والميليشيات المدعومة من إيران بأنها “دفاع عن النفس”. ويقول مسؤولو الدفاع إن الأمر سيتطلب قراراً سياسياً كبيراً من ترامب لتوسيع المهمة بهدف مواجهتهم، ولكن القلق هو أن المزيد من المواجهات باتت حتمية.
تعقيدات الحرب السورية
ويعتقد مسؤولون عسكريون أمريكيون أن الميليشيات المدعومة من إيران وقوات نظام الأسد تحاول التحرك بشكل أعمق في شرق سوريا. وتعتقد الولايات المتحدة أيضاً أن قوات نظام الأسد تتقدم للوصول إلى مدينة دير الزور.
وفي الوقت نفسه، تحاول الميليشيات الإيرانية فتح طريق عبور عبر جنوب سوريا كجزء مما يطلق عليه البنتاغون بشكل غير رسمي “الهلال الشيعي” الجديد لنشر نفوذ إيران إلى البحر الأبيض المتوسط. وإذا نجح هذا الجهد فإنه سيخلق طريقاً لإيران لشحن الأسلحة والإمدادات إلى حزب الله وغيره من الجماعات الإرهابية. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ذلك سيشكل تهديداً جديداً لكل من إسرائيل والأردن.
ولكن القوات الأمريكية تتدرب في جنوب سوريا بالقرب من الميليشيات هناك، من المرجح أن تتوجه شرقاً باتجاه وادي نهر الفرات بين دير الزور والميادين. وأشارت تقارير الاستخبارات إلى أن العديد من كبار عناصر “داعش” قد فروا من الرقة وانتقلوا إلى الوادي بين المدينتين.
وتعتقد الولايات المتحدة أن المنطقة باتت تكتسب أهمية متزايدة بالنسبة لتنظيم “داعش”، حيث أن عمليات صنع القنابل ربما تكون ممركزة هناك.
نهاية داعش واقتراب المواجهة
ويقول مسؤولون أمريكيون إن ثلاثة من كبار مسؤولي “داعش” قتلوا على يد التحالف حول الميادين. ويشمل ذلك الغارة الجوية التي وقعت في 31 مايو/ أيار والتي أدت إلى مقتل تركي بن علي، رجل الدين الأكبر في “داعش”. وقال البنتاغون في تصريح صحفي إن البنتاغون اعتبره “مقرباً من أبو بكر البغدادي،” وأكد مسؤول أميركي لـCNN، أن بن علي انتقل إلى الدوائر العليا في التنظيم، كما أنه مرتبط بالجهود الرامية إلى تجنيد مقاتلين أجانب وشن هجمات “في شتى أنحاء العالم”.
وتعتقد الولايات المتحدة أيضاً أن “داعش” تواصل العمل على تطوير كل من المتفجرات ذات الآثار واسعة النطاق والمتفجرات المصغرة التي استخدمت على متن الطائرات بدون طيار، وكذلك غاز الخردل في منطقة الميادين.
ومع إجبار “داعش” على التراجع، فمن المرجح أن تزداد فرص المواجهات الفجائية المحتملة بين القوات المدعومة من الولايات المتحدة وقوات نظام الأسد والمليشيات الإيرانية. وهذا يعني أنه نظراً لأن إدارة ترامب تبحث ما إذا كانت سترسل المزيد من القوات إلى أفغانستان، فسيتعين عليها أيضاً اتخاذ بعض القرارات الصعبة بشأن الحرب ضد “داعش”، إذا كانت الولايات المتحدة تريد تجنب الانجرار إلى حرب إقليمية أوسع.
الكاتب: باربرا ستار كبيرة مراسلي في سي إن إن لشؤون البنتاغون
المصدر: سي إن إن العربية, المقال الأصلي هنا