حملة لم يسبق لها مثيل ضد شبكات الدعاية لتنظيم “الدولة الإسلامية” على شبكة الإنترنت، هذا ما أعلنته وكالة الشرطة الأوروبية – يوروبول، قبل أيام، مؤكدة أن هذه الحملة أدت إلى شلل أجهزة الدعاية الخاصة بالتنظيم المتطرف على الشبكة الدولية، ويجب القول أن الحملة شملت مخدمات معلوماتية في هولندا وكندا والولايات المتحدة وإغلاق مواقع دعاية على الإنترنت في بلغاريا ورومانيا وفرنسا يتجاوز عددها عشرين موقعا كانت تقوم ببث مواد وكالات الدعاية التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
إلا أن واقع الحركة والدعاية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة على الشبكة الدولية يتجاوز هذه التصورات لماهية قنوات البث على الإنترنت، لأنها تصورات تجاوزها واقع الشبكة بعض الشيء، حيث تقوم على اعتبار مواقع الإنترنت والمخدمات المعلوماتية المصادر والعقد العصبية لعمليات الدعاية الإلكترونية، ولكن الأمور تطورت كثيرا عن ذلك، بالإضافة إلى أن طبيعة الشبكة توفر أدوات أخرى عديدة لم يدرك الكثيرون مدى فعاليتها، والدليل على ذلك قيام عدة وكالات دعاية التنظيم المتطرف ببث رسائل وأفلام فيديو عبر برنامج الرسائل المشفرة تيليغرام، لكي تتولى شبكات التواصل الاجتماعي عبر من استلموا هذه الرسائل، عملية الدعاية، بعد الحملة الأمنية التي أعلن عنها يوروبول.
مايكل كرونا الجامعي السويدي المتخصص في الدعاية الجهادية أوضح في حديث لموقع هوفينغنتون بوست أن أدوات بث الدعايات الجهادية تنطلق في البداية وقبل كل شيء من شبكات التواصل الاجتماعي، والتي لم تستهدفها الحملة الدولية لليوروبول، حيث تبدأ العملية بإرسال المواد الدعائية على شكل أفلام فيديو قصيرة عبر برنامج تيليغرام وذلك قبل ساعات من نشرها على مواقع معينة،
ويشرح الجامعي السويدي أن من يقوم بالجزء الرئيسي في عملية الداعية هم أنصار التنظيم والمتعاطفين معه على شبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن الهجوم على المخدمات والمواقع لا يمكن أن يشكل ضربة حاسمة لجهاز دعاية تنظيم الدولة الإسلامية، بل على العكس تؤدي هذه الضربات غير الحاسمة لأن يقوم التنظيم بالتوائم وبتطوير أدوات نشر وبث جديدة أكثر تعقيدا على الشبكة لتصبح عملية الملاحقة أكثر صعوبة.
زميلنا وسيم نصر في فرانس ٢٤، والمتخصص في شئون التنظيم الإرهابي، يرى أن المشكلة ستظل قائمة طالما حافظ التنظيم على قدرته على إنتاج هذه المواد الدعائية، وأن الضربة الحقيقية ينبغي أن توجه إلى جهاز إنتاج هذه المواد
في كافة الأحوال يتفق المراقبون على أن كافة أدوات الشبكة تبقى مجرد أدوات وأن من يريد مواجهة ايديولوجية متطرفة وإرهابية فعليه أن يواجهها، أما أدوات نشرها الإلكترونية أو غير الإلكترونية فإنها تظل مجرد أدوات تستخدمها هذه المنظمات كما يستخدمها معارضوها.