ناشطون موسيقيون أسسوا فرقة موسيقية في مدينة بريمن – ألمانيا، تتألف الفرقة من موسيقيين سوريين وممحليين التقوا معاً في مواجهة الإشاعات المخيفة التي انتشرت نتيجة لآزمة اللاجئين في أوربا. حيث “برهاب الأجانب”، سياسيوا اليمين المتطرف إضافة إلى آخرين اتهموا المهاجرين من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإنهم ذوي ميول إجرامية متطرفة وإنهم يريدون أن يأخذوا فرص عمل المواطنيين الأوربيين ومساعدات برامج الرعاية الاجتماعية الممولة من دافعي الضرائب، الفرقة التي تضم سوريين تفعل العكس تماماً: يشاركون هداياهم الموسيقية ويردون الجميل إلى مجتمعهم الجديد.
قالت فدوى ميرخان عازفة الفلوت “بالموسيقا نستطيع أن نحرر أنفسنا من كل أشكل التمييز”، وهي التي عزفت مع الفرقة في أول آداء في 22 أيلول، على مسرح “سيندليزال في بريمن. “أمنيتي الأكبر لنا أن نكون مواطنون وأن نُقيم كفنانيين، وليس كسوريين فقراء يحاولون تقديم الفن”.
قصة ميرخان نموذجية من بين أعضاء الفرقة الموسيقية، في عام 2013، كانت تدرس الفلوت في المعهد العالي للموسيقا في دمشق والفلسفة في جامعة دمشق عندما قررت الهروب من الحرب الأهلية الدامية في بلدها. هربت إلى مصر وبقت في القاهرة لأكثر من سنة مع أصدقاء قبل أن تقوم في النهاية برحلتها إلى ألمانيا، حيث اشترت ما يسمى بالتأشيرة المشروطة والتي تجيز لها البقاء في البلاد وأخذ دورات في اللغة الألمانية قبل التقدم إلى الجامعة الألمانية.
رائد جازبة عازف الباس المزدوج، فكر بالفرقة قبل ثلاثة أعوام عندما حيث حصل على حق اللجوء السياسي بينما كان يعزف مع فرقة الشباب العربي في برلين. قال “كنت دائماً أخطط لإيجاد مشروع موسيقي في وقت سابق في سوريا، حيث كانت ظروف الموسيقا أكثر صعوبة من هنا”.
لكن مع تطور الحرب الأهلية، أدرك جازبة أن فرصة جمع فرقة موسيقية سورية في أوربا ستكون أفضل من جمعها في سوريا. العديد من أصدقائه كانوا منثورين في كل أنحاء أوربا يحاولون استخدام مهاراتهم الموسيقية للبقاء بعيداً الحرب التي مزقت وطنهم الأم.
“في سوريا، الأوركيسترا الوطنية فارغة تقريباً، الكثير من الموسيقيين غادروا بسبب الحرب، إذاً لماذا لا نبني أوركيسترا سورية هنا في ألمانيا؟” كما قال.
بدأت الفرقة عندما جمع جازبة جوقة صغيرة من الموسيقين السوريين في بريمن سُميت جوقة الكاميليا السورية. خلال أحد عروضهم، عضو في مجلس بريمن للاندماج – وهو وكالة محلية عامة لمساعدة اللاجئين – استمع إليهم ورأى أن عروضهم هي وسيلة ممتازة للتركيز على فوائد استقبال اللاجئين في المجتمع. عضو المجلس عرض على جازبة المساعدة في توسيع عملهم.
“أردنا مساعدة هؤلاء الموسيقيين السوريين في الاندماج في المجتمع الألماني، من خلال الموسيقا” كما قالت ياسمين هاريتاني عضوة المجلس. “ستكون فرصة للألمان ليتعلموا أكثر عن الثقافة السورية الغنية وعن حياة السوريين في ألمانيا”.
من هنا، لم يكن صعباً العثور على موسيقيين. “عدد الموسيقيين السوريين اللاجئين في ألمانيا في تزايد،” كما قال جازبة. “خلال أخر ثلاثة أشهر من الإعداد، كنت متفاجئ بالكثير من الموسيقيين الذي ظننت أنهم ظلوا في سوريا قد وصلوا إلى ألمانيا ويريدون العمل معنا.”
من خلال المجلس، مول جزابة، بما يكفي من المال، لجمع 30 عازف سوري و20 عازف ألماني الذين إما درسوا الموسيا المحلية أو احترفوا العزف في فرقة بريمن. تبرع معهد بريمن للموسيقا بمكان للتدريبات وبالآلات الموسيقية. واستقبل سكان محليين الموسيقيين في بيوتهم بدون مقابل.
“في زمن النظام النازي، الآلاف من الفنانيين الألمان عملوا في المهجر” كما ينشر موقع المجلس المحلي للاندماج. “اليوم ألمانيا ملجئ للفانيين الذين يسعون للحماية من الحرب”.
أمنت الفرقة الموسيقية السورية مسرح سينديسال لتقديم عرضها الأول، وهو مكان مجهز صوتياً على مستوى عالمي. عرض آخر سيكون في 3 تشرين الأول في لونيبروغ في ألمانيا.
وكون الكثير من أعضاء الفرقة يعيشون في النمسا وهولندا ودول أوربية أخرى، لدى الموسيقيين فقط عدة أيام ليتدربوا مع بعض قبل عرضهم الأول.
“ثلاثة أيام للتدريب قليل جدا للعرض” كما قال أحمد قعفور، عازف الباسون السوري الذي قدم طلب لجوء ويعيش الآن في برلين. “نحن بحاجة للوقت لبناء روح لفرقتنا”.
لكن قائد أوركسترا بريمن مارتن لينتز كان متأثراً باآداء وقال أنه سيكون سعيد بالعمل معهم ثانية. عرض الثاني والعشرون من أيلول كان مكتظاً جدا حتى أن جازبة وأعضاء مجلس الاندماج راحوا يبعدون الناس. للأفضل أو للأسواء قال لينتز أن الحدث جلب الانتباه لآزمة اللاجئين.
“نحن جميعاً متفاجئون ولكن سعداء أن المشروع سار على هذا الشكل”. أضاف لينتز ” بالتأكيد نحن لم نعلم أن عدد اللاجئين سيرتفع إلى هذا الحد عندما بدأنا المشروع منذ نصف عام تقريباً”.
في العرض الموسيقي، كان دخول الجمهور بدون رسوم ولكن طُلب منهم التبرع لتمويل مساعدة المهاجرين، وإيجاد إيرادات كافية لتمويل دفع فواتير المتراكمة لتغطية نفقات جلب الموسيقيين إلى بريمن.
عزف الموسيقيين موسيقا متنوعة، بما في ذلك الموسيقا الغربية الكلاسيكية وموسيقا الجاز. لكنهم أمتزوا مع ملحنين الشرق أوسط المعاصرين أمثال سعاد بشناق الأردنية الكندية، التي عزفت البيانو الحديث مع الغيتار والآلات الموسيقية العربية وناغمتها مع مقطوعاتها. كان تنوع الليلة ملهماً واحتفالياً، يلائمهم كموسيقيين يرفضون أن توقف الأحداث في بلادهم فنهم.
قال جازبة “نحن هنا بسبب الحرب، ولكني أريد أن يُنظر إلي في هذا المشروع كموسيقي وليس كلاجئ سوري” .
ريهام كوسا
المصدر: Occupy.com