أشترى أخوه من النظام السوري بعد ثلاث سنوات ونصف في السجن. نعم،أشتراه حرفياً في مقابل 12000 ألف دولار “أخي محمد تم احتجازه من قبل قوات الأمن في تموز عام 2011″، قال شقيق محمد الذي رفض الكشف عن اسمه. “لقد تعرض للتعذيب والإهانة كما تم ابعاده عن زوجته ومولوده الجديد لإربع سنوات تقريباً”، أضاف أخوه.
محمد، الآن 37عاماً، محاسب سابقاً، هو معاق جسدياً حيث أن ساقه اليسرى مشلولة منذ الطفولة.وفقاً لشقيقه فقد بقي محمد في السجن بين تموز 2011 وشباط 2015 عندما دفعت أسرته النقود مقابل أطلاق سراحه. لايمكن الكشف في هذا التقرير عن التواريخ الدقيقة والأسماء والأماكن لإسباب أمنية.
“في تشرين الثاني 2014 وجد والدنا ‘محامياً’ بعد بحث طويل لإيجاد شخص في النظام السوري الفاسد يستطيع أخراجه من السجن”، أوضح أخ محمد. قال شقيقه أن البحث اليائس كان مختلطاً بالآمال بإنه يمكن للمتمردين السيطرة على السجن المركزي في حلب، المكان المسجون به محمد، وعلى أثرها أخلاء سبيله مع بقية المعتقلين.
“المحامي الذي وجدناه لأخي يمكن إلا يكون الشخص الذي في بالك”، أشار شقيق محمد. “هو أشبه مايكون بوسيط بين أفراد من الحكومة من جهة وأناس منكوبين مثل أخي وعائلته من جهة آخرى.”
وفقاً لعائلة محمد فقد طلب المحامي الوسيط مبلغاً ضخماً من المال مقابل أطلاق سراحه ولكن بعد فترة من المفاوضات أصبح السعر النهائي 12000 الف دولار. قال المحامي الوسيط “أن المال ليس لي فأنا أكسب فقد رسوم الوساطة. هم يأخذون المال، القاضي يفعل ذلك.
“لم نكن على يقين ما إذا كان سيتم أطلاق سراح أخي بعد دفع الثمن”، علق شقيقه.
قال المحامي الوسيط لعائلة محمد أنه إذا تم الدفع فسوف يقوم بإتصال “بالقاضي” المناسب ليتم أطلاق سراح محمد فوراً.
في محاولة من أسرة محمد لدفع المال فقد حاولوا الآتصال بمنظمات أغاثة ومنظمات إنسانية لطلب المساعدة. “في حين أن معظمهم لم يردوا حتى الآن إلا أن منظمتين قامتا بالرد السلبي على أساس أنهم لا يدعمون الحالات الخاصة”، قال شقيقه.
“حسناً لقد تمكنا من دفع المبلغ للحكومة أو للأشخاص المناسبين في الحكومة ليتم الأفراج عن سراح أخي. كان فعل ذلك مريراً لأننا كنا على يقين بأننا ندفع لنفس الأشخاص الذين يشترون الرصاص والبراميل المتفجرة لقتل أناس مثلنا. نحن دفعنا لقاتلينا لكي يستمرو في ذبحنا.”
“أنه لمن المؤلم أن تعرف أنك تدفع كل ما لديك لؤلائك الذين هجّروك وهجّروا عائلتك وقتلوا أقاربك وأخوتك ودمروا منزلك وأفشلوا بلدك. ومن المؤلم أكثر أن تعرف أنهم يواصلون القيام بذلك. هم يستمرون بفضل أناس مثلنا يدفعون لهم ليصبحوا أقوى.”
عائلة محمد هي الآن في مكان أكثر أمناً ولكنهم يعانون من الدين تماماً كمحمد الذي أفرج عنه حديثاً. قال محمد في تعليق ل إم بي سي جورنال: “أنا لست متأكداً ما إذا كنت أريد الخروج من السجن لأنه ليس لدي أي منظور مستقبلي حول مايجب أن أقوم به بعد ذلك.”
“كان عليه أن يصارع من أجل البقاء على قيد الحياة إلى أن يخرج من السجن وفي الوقت الذي قدمت الفرصة نفسها له أصبح متردداً. فهو شخص مديون ومدمر نفسياً ومصدوم”، أضاف شقيقه.
محمد هو الآن آمن نسبياً بعيداً عن المناطق التي يسيطر عليها النظام، فقد التقى أخيراً بعائلته وزوجته وأبنته التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات الآن.
في صيف عام ٢٠١١ أمتدت الإحتجاجات إلى مناطق أوسع في سوريا حيث تفاقم الوضع. أصبحت الإشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والنظام السوري تجري باتجاه التصعيد. في زخم الأحداث، تم إلقاء القبض على محمد عند نقطة تفتيش في شمال سوريا بينما كان ذاهباً إلى العمل.
تم اتهامه باستخدام السلاح ضد الحكومة إلا أن محمد لا يعرف كيفية استخدام السلاح كما أكدت عائلته. محمد كان مُعفى من جميع التدريبات العسكرية الإلزامية بسبب إعاقته. تعرض للتعذيب لمدة شهرين ومن ثم تم أرساله إلى السجن المركزي لمدة ثلاث سنوات ونصف دون محاكمة.
عشرات الآلاف من المدنيين الآبرياء لازالوا مُهملين في غرف سجون التعذيب السرية التابعة للنظام والتي أودت بحياة عدة آلاف بسبب الجوع والتعذيب والمرض.
الكاتب حكيم الخطيب
للاطلاع على المقال باللغة الانكليزية اضغط هنا
ترجمة فريق إم بي سي جورنال