بعد خمس سنوات من الحرب السورية، نستطيع أن نتعرف على أربع أطراف متنازعة على الأرض: الأسد، داعش، الثوار والأكراد. كلا من هذه الأطراف المتنازعة لديه داعمين إقليميين و دوليين. للمفارقة هؤلاء الداعمين لايتفقون من أجل من أو ضد من يقاتلون. النظام السوري مدعوم من قبل إيران، روسيا، حزب الله وميليشيات العراقية. داعش مدعومة من تدفق الجهاديين من أنحاء العالم. الثوار مدعومون من قبل دول الخليج، تركيا، الأردن، والولايات المتحدة. الأكراد مدعومون من قبل أمريكا. لانزال نتحدث بالإعلام عن الحرب أو الأزمة السورية، وهذا يجعلني اتساءل ماهو سوري للغاية في الحرب السورية؟ إنها حرب على أرض سوريا، حيث أن أكثر من 50% من الشعب السوري قد تم تهجيره وأكثر من 220 ألف قتل وأكثر بكثيرمصاب أو في المعتقلات. تبعا لمنظمة العفو الدولية، أكثر من 12.8 مليون سوري بحاجة إلى “مساعدة إنسانية ملحة”. بالإضافة إلى هذه الكارثة الإنسانية، معظم الأرض والبنى التحتية السورية قد تم تدميرها. إذا ماهو سوري للغاية في “الحرب السورية”؟
[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”][/one_fourth_last]في مارس 2011، انخرطت الناس باحتجاجات سلمية ضد النظام، إلا أن قوات النظام واجهت المتظاهرين بالعنف وقتلت المئات من المدنيين في الأسابيع الأولى لتشعل بداية صراع دموي متزايد. محركات الاحتجاجات لم تكن إيديولوجية أو دينية، بل أناس طالبوا بحقوقهم ضد الاستبداد السياسي والمحنة الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان والبطالة والفقر والفساد إلخ.
بما أن قوى المخابرات والشرطة والجيش تورطت بشكل واضح بقمع المظاهرات السلمية، سلسلة من الإنشقاقات تتابعت لتشكل مايسمى بالجيش السوري الحر لتحارب وحشية النظام. الجيش الحر بدأ تجنيد من كانوا يرغبون بمحاربة قوى النظام تحت رايته. في هذه الفترة، تحولت الثورة في سوريا إلى حرب أهلية.
بسبب التعبئة الإيديولوجة في عام 2012، بدأ الجهاديون من كل أنحاء العالم بالسفر إلى سوريا للإنضمام إلى المتمردين. شجع الأسد هذا النشاط عن طريق الإفراج عن الجهاديين من السجون لتشويه سمعة الجماعات المتمردة، خاصة بعدما فقد النظام السيطرة على الحدود الشمالية. في نفس العام في يناير، شكلت القاعدة فرعا لها في سوريا إسمه جبهة النصرة لمقاتلة النظام. تقريبا في نفس ذلك الوقت، حملت الجماعات الكردية السلاح لتنشق عن حكم الأسد باحثة عن الحكم الذاتي. شهد هذا العام بداية الحرب بالوكالة في سوريا.
إيران، أقوى حلفاء الأسد، تدخلت لمساعدته. بحلول نهاية عام 2012، كانت إيران ترسل رحلات شحن يومية مع مئات الضباط إلى سوريا. قدمت إيران أيضا دعما لوجستيا وتقنيا وعسكريا للأسد. من المقدر بحلول ديسمبر عام 2013، كان لإيران مايقارب 10,000 ناشط في سوريا بمافيهم آلاف من مقاتلي الباسيج الإيرانية الشبه عسكرية ومتطوعين شيعة ناطقين باللغة العربية ومقاتلين عراقيين. في منتصف عام 2012، انضم حزب الله اللبناني إلى القتال ضد الثوار في سوريا. لقد تولى حزب الله دورا نشطا في ساحات قتالية عديدة مثل معركة مدينة القصير (19 مايوـ 5 يوليو 2013) بين الثوار وقوات النظام.
بالمقابل، كانت دول الخليج، بالتحديد السعودية وقطر، ترسل أسلحة وأموال للجماعات المتمردة عن طريق الأردن وتركيا على وجه الخصوص. بينما تدعم السعودية الجماعات السلفية المسلحة مثل “جيش الإسلام” تحت قيادة زهران علوش، قطر بذلت جهود جبارة لدعم الإخوان المسلمين ومتمردين لهم علاقات مع تنظيم القاعدة. لمواجهة النفوذ السعودي في سوريا، قطر وتركيا دعمتا جيش أحرار الشام المحافظ جدا (10,000ـ12,000 مقاتل) تحت قيادة حسن عبود. من المفارقات هنا أن دول الخليج لم تقدم حتى ولو مكان واحد لإعادة توطين اللاجئين السوريين. هذا الإنقسام، على كل حال، بين القوى ذات الأغلبية السنية التي تدعم المعارضة من جهة والقوى الشيعية التي تدعم نظام الأسد من جهة أخرى رسمت البعد الطائفي للصراع.
متظاهرة بالروعة من فظائع الأسد ضد شعبه في عام 2013، أذنت الولايات المتحدة لوكالة المخابرات الأمريكية بتدريب وتجهيز مقاتلين سوريين لمحاربة الأسد. أصبحت الولايات المتحدة تشارك بشكل ناشط على الأرض. مما يثير الجدل هو أنه في حين كانت الولايات المتحدة تحث دول الخليج على التوقف عن دعم المتطرفيين في سوريا، قامت السعودية بشراء مايزيد قيمته عن 90 مليار دولار من الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2010 ـ 2015، وفقا للأرقام التي قدمتها خدمة أبحاث الكونغرس.
في العام نفسه، استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. لقد أفادت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأمم المتحدة بأن “الكلور قد استخدم مرارا وتكرارا وبشكل منهجي كسلاح” في سوريا. في سبتمبر 2013، قال اوباما ” إنه من مصلحة الأمن القومي الأمريكي الرد على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية عن طريق ضربة عسكرية مستهدفة”. الرد على الأسد لم يحصل حيث أن روسيا، حليف الأسد القديم منذ فترة طويلة، اقترحت أن يسلم الأسد الأسلحة الكيميائية للمجتمع الدولي لتفكيكها. هذه المرحلة رسمت عمق النزاع على القوة بين روسيا داعمة للأسد وأمريكا ضده.
في فبراير 2014، سيطرت داعش على مناطق في العراق وسوريا جاذبة المقاتلين الأجانب من أنحاء العالم لتصبح، بمفارقة مفاجئة، عدوا لتنظيم القاعدة. في الواقع، داعش لاتقاتل الأسد ولكن الأكراد في الشمال والجماعات المتمردة. بحلول عام 2014، تم تقدير عدد الجهاديين الأجانب بين 10,000 و 12,000، مع أكثر من 3000 من الدول الغربية. ونتيجة لذلك، وترافقا مع دعوات مستمرة من رجال دين سنة، في الغالب غير سوريين، لدعم الثوار في سوريا، آلاف المقاتلين الأجانب يتدفقون للجهاد في سوريا كل عام.
في سبتمبر 2014، شن تحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية غارات جوية ضد داعش على الأراضي السورية. مرة أخرى لعبت CIA دورا في تدريب المقاتلين السوريين الذين يقاتلون ضد داعش حصرا. في حين أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية كانت واضحة لمعارضتها داعش أكثر من الأسد، بدأت تركيا بقصف الجماعات الكردية، على الرغم من أن الأكراد كانو يقاتلون داعش منذ تأسيسها. بناء على التوترات بين تركيا والولايات المتحدة حول من هو العدو الرئيسي في سوريا، تركيا لاتشارك في ضرب داعش.
بينما الأسد على وشك فقدان الأرض لداعش والمتمردين، تدخلت روسيا بالنيابة عنة لقصف داعش. على الأرض، روسيا تقصف المتمرذين المناهضين لحكم الأسد بما في ذلك تلك الجماعات التي تدعمها الولايات المتحدة.
بما أننا لانسمع أصوات السوريين خارج مخيمات اللاجئين، يعقد الأمريكيون والروس والأتراك والإيرانيون والعرب اجتماعات للاتفاق والاختلاف ولتوحيد الصفوف وللتصادم لحل “النزاع السوري”. وفقا لوزارة الدفاع الأمريكية، فقط عدد الضربات الجوية للتحالف في سوريا وصلت إلى 2680 في عام 2015، منها 2540 من قبل الولايات المتحدة و 140 من قبل بقية الائتلاف (أستراليا، البحرين، كندا، فرنسا، الأردن، السعودية، تركيا والإمارات العربية المتحدة). وتبقى الحقيقة أنه لايوجد تقريبا مواطن سوري واحد لم يتأثر بالأزمة، حيث تم ترك سوريا في حرب دموية مع عدم وجود احتمالات للحل في الأفق. فماهو السوري حول الحرب السورية؟ ربما ليست سوى الكارثة الإنسانية.
[starbox id=”none”]