“عندما كنت طالب شهادةٍ ثانوية، أتنقل بين إدلب وحلب، مكان سكني. كان هدفي دخول كلية هندسة المعلوماتية والبرمجة، القسم الذي طالما حلمت به منذ صغري.
مع انطلاقة الثورة السورية ضحيت بالحلم بعد أن أصبح واقعاً، وبدأَت القصة عندما شاهدت أول صرخة طفل يتيم وأم ثكلى، عندما شاهدت المعاناة التي طرقت أبواب قلوبنا وعقولنا، معاناةٌ لم نعتد عليها، ولم نكن نراها إلا في الدراما والأفلام.
بدأَ النزوح الكبير للسوريين بأولادهم وأحلامهم هرباً من النيران، ولم أجد بُدّاً مع عدد من رفاقي، من العمل على تخفيف معاناتهم، فأخذت أتنقل بين أماكن النزوح في المحافظات السورية وصولاً إلى الحدود السورية التركية، حيث انتهى بي المطاف بها.
[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”][/one_fourth_last]كُنت متطوعاً لمساعدة أهلنا الذين يذوقون مرارة الفقدان والتشرد والنزوح، كان عدد المتطوعين قليلاً جداً خوفاً من الاعتقال والبطش، حيث كانت الأجهزة الأمنية تلاحق العاملين في مجال إغاثة سكان المناطق المنتفضة على النظام.
كنت أحاول أن أساعد بكل ما أملك من جهدٍ وإمكانات، وأعيش حالياً على الحدود السورية التركية، بعيداً عن أهلي دون أن أملك الوقت الكافي للتفكير في نفسي.
طبيعة عملي تحتاج للمتابعة والاستمرار، بحيث أنني لا أجد الوقت الكافي للاهتمام بشؤوني الخاصة.
أتمنى لقاء أهلي الموزعين بين تركيا وسوريا دائماً، لكن طبيعة العمل وصعوبة التنقل عبر الحدود تجعل هذا صعباً جداً. كما أن حالة إخوتي غير مستقرة، ودائماً أشعر بالقلق عليهم لتواجدهم في أماكن تتعرض للقصف الدائم.
أعمل الآن في مؤسسة خيرية لتنظيم العمل بإمكانياتٍ أكبر، وتنوعت نشاطاتي وأعمالي التي أقوم بها، وشملت إضافةً للإغاثة أعمالَ التوثيق.
بدأتُ أعمال التوثيق بكاميرا الهاتف المحمول، التي صورت بها معاناة الناس وآلامهم، ثم أخذتُ أطور عملي حتى أحقق نتيجةً ملموسة بالتعاون مع منظماتٍ وجمعيات عديدة. وها أنا الآن وصلت إلى ما أريد، التقي بشكلٍ مباشر مع أشخاص يعانون، وأشعر بمعاناتهم الشبيهة بمعاناتي.
عندما التقي بالمصابين أحس بألم الإصابة، خاصةً أن ستة من إخوتي قد أصيبوا إصاباتٍ مختلفة وبليغة، وعندما أرى المهجرين، أتذكرُ بيتي الذي لا أستطيع الرجوع إليه.
عايشتُ آلام الناس وشعرتُ بها، وكان ضعف الإمكانات وعدم القدرة على تقديم المساعدة الكافية يؤلمني، لذلك عملت في مجال تقديم المساعدات الإنسانية التي تضمنت تقديم الطعام والدواء، وإنشاء مدارس لتعليم الأطفال الذين قُصفِت مدارسهم، وساهمت في أعمال الدعم النفسي أيضاً.
علّ ذلك يساهم في تخفيف الآلام ورسم بعض الابتسامات على وجوههم، ابتساماتٌ تُنير الدنيا كقمرٍ يضيء ظلام ليلنا الدامس.”
حسن الموسى, 21 سنة
من ادلب, سوريا
يعيش الآن على الحدود السورية التركية
بالتعاون مع الإنسان في سوريا
[starbox id=”none”]