في عام 2001، وافق مجلس الأمن القومي التركي على قرار بعنوان “إنشاء وكالة الفضاء التركية”، وسيقدم مشروع القانون إلى البرلمان التركي في النصف الثاني من عام 2016. ما هي حسابات تركيا للدخول في هذا الوقت المتأخر لتطوير برنامج فضاء رئيسي بالاعتماد على قدرات مستقلة للوصول إلى الفضاء؟ هل تركيا على طريق معالجة هذا القصور؟ إذا لم يكن كذلك، فلماذا؟
[one_fourth_last padding=”0 10px 0 10px”] [/one_fourth_last]
سياسة الفضاء الخارجي تتضمن الدفاع عن الكوكب، التنقيب من الفضاء، الاتصالات، مشاريع الأقمار الصناعية ومراقبة الأرض. يقدم القانون الدولي للفضاء آليات محدودة لتسوية النزاعات المتعلقة بالفضاء الخارجي الدولي فيما يتعلق بالأنشطة العسكرية ونشر الأسلحة. إضافة إلى ذلك، فإن رفض الولايات المتحدة وروسيا والصين التوقيع على معاهدة القمر لعام 1979، شكل سبباً حاسماً في خلق مثل هذه البيئة الفوضوية.
رغم التخفيضات الواسعة في ميزانية ناسا بعد إدارة أوباما والفشل الكبير في مشروع SPACE-X، فإن الدور القيادي للحكومة الولايات المتحدة في الفضاء لا يزال واضحاً تماماً، حيث تمثل ميزانيتها المخصصة للفضاء، البالغة 64 مليار دولار، ما يقارب ربع الاقتصاد الفضائي العالمي الكلي، وهو ما يعادل 261 مليار دولار. سنوياً، تنفق اليابان 3,84 مليار دولار، الصين تستثمر 3,08 مليار دولار، والهند تخصص 1,44 مليار دولار لبرامجها. وكان كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا وإسرائيل وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والبرازيل قادرين على لعب أدوار الدرجة الثانية نظراً لقدرات هذه الدول على إطلاق أقمار صناعية محلية بشكل مستقل. افريقيا تقع في الخلف على المنافسة الفضائية الدولية على الرغم من السعي إلى إنشاء مؤسسة إقليمية بقيادة قوية.الشركة النيجيرية بترو دولارتبدو أنها المصدر المالي الوحيد القادر على مساعدة بمشاركة تونس والسودان.
بدأ برنامج الفضاء التركي في التسعينات. وقد تم تطوير كفاءات الطيران والفضاء في معاهد TAI، Aselsan وRoketsan، وهي معاهد مرتبطة مباشرة بالقوات الجوية البحرية والبرية التركية، الأمر الذي نتج عنه قاعدة فضائية في محافظة أنقرة. معهد بحوث تكنولوجيا الفضاء التركي، هو وكالة فضاء مدنية أنشئت في عام 1994 لتنسيق السياسة الفضائية الوطنية، وهو المسؤول عن إجراء البحوث في المجالات ذات الصلة بالفضاء وكذلك تطوير مشاريع الأقمار الصناعية. وهو سلطة اتحادية تابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وكان استمراراً لجهود الحكومة التركية في تعزيز استقلالية قطاع الفضاء. الجهود التركية في الفضاء تجري بالمزيد من التعاون مع وزارة الدفاع الوطني التركية، الصناعات الجوية التركية، تكنولوجيا الطيران والفضاء التابعة لوزارة النقل، هيئة تخطيط الدولة والجامعات الحكومية، وتحديداً الأقطاب التكنولوجية في جامعة الشرق الأوسط التقنية وجامعة بلكنت، وكلاهما تقعان في أنقرة.
تمتلك تركيا عدداً قليلاً من الأقمار الصناعية التي وضعتها التكنولوجيا التركية. قدمت كازاخستان والصين وروسيا قدمت أراضيها لإطلاق الأقمار الصناعية التركية مثل BILSAT، GÖKTÜRK-1 GÖKTÜRK-2. تكنولوجيا الفضاء التركية قادرة على توفير خدمات لأغراض الزراعة، التنقيب، النقل الذكي وإدارة الكوارث. أكملت تركيا الآن المرحلة الأولى من برنامجها الفضائي، وهو يتألف من مشاريع فضائية متقدمة من الناحية التكنولوجية، ترسيخ مشاريع الأقمار الصناعية لتعزيز صناعة الطيران المحلية. إرسال سفينة فضاء إلى القمر أو المريخ لا يزال مشروع بعيد المدى. يجب على تركيا إنشاء دور جديد لوكالة الفضاء التركية في المرحلة القادمة، تشمل إقامة فروع في كل أنحاء البلد، بعثات عمل بحثي، وخلق مساحة لجميع المشاركين في صناعة الفضاء للتواصل من أجل تنشيط تسويق صناعة الفضاء. تحتاج تركيا لإعطاء الأولية من أجل تطوير البرنامج الوطني للفضاء التركي، والتطوير الصناعي واللحاق بركب التطور التكنولوجي.
من بين العديد من البلدان، تقدم أمريكا اللاتينية مثلاً لإطار عمل واقعي لتركيا. الصناعات الفضائية البرازيلية تُقاد بشكل رئيسي من قبل الاستثمارات الحكومية بمساعدة خارجية والتي جاءت في أوقات مختلفة من فرنسا والصين وروسيا. تهدف البرازيل إلى التقليل من الاعتماد على الأقمار الصناعية الأجنبية للاتصالات السلكية واللاسلكية، التنبؤ بالطقس، الرصد البيئي والمراقبة الإقليمية، بما في ذلك المناطق الحدودية. بدأت الأنشطة الفضائية في فنزويلا في عام 1999، وكانت تركز على مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية ومراقبة الأرض والبحوث. تأسست الوكالة البوليفارية للأنشطة الفضائية (ABAE) في عام 2007 بالتعاون الوثيق مع قوى إقليمية متوسطة المدى مثل أوروغواي. وكانت أنشطة الفضاء الأرجنتين تعاونية للغاية، وقد تضمنت على عدد متزايد من البلدان، وشمل ذلك إيطاليا والولايات المتحدة والدنمارك والبرازيل وفرنسا.
استكشاف الفضاء يُتوقع أن يشهد تطورات مثيرة في السنوات الـ 40 المقبلة. بين 2020-2030، سوف نشهد تأسيس قاعدة علمية دائمة في القطب الجنوبي للقمر، وصول مسبار نووي إلى أورانوس ونبتون، سياحة الإنسان على سطح القمر وعودة البعثات الروبوتية بعينات من المذنبات والكويكبات. بين 2030 و 2040، من المتوقع أن يصبح وجود الإنسان على سطح المريخ وبعثات التنقيب الروبوتية إلى الكويكبات والقمر أمراً دائماً. بالإضافة إلى كل ذلك، يبدو استصلاح المريخ هو الهدف الرئيسي في العام 2050. ضمن هذه الصورة، يجب على الحكومة التركية إقامة تحالفات في سياساتها الفضائية خارج إطار هيمنة طبيعة سياساتها على الصعيد الخارجي. تصاعد الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط وزيادة النفقات العسكرية في المستقبل القريب، قد تخلق مزاحمة في مواجهة وضع ميزانيات استكشاف الفضاء. يجب على تركيا الامتناع عن تشكيل تحالفات الفضاء الخارجي بشروط طائفية مع المملكة العربية السعودية وقطر وشمال السودان ونيجيريا. هذه البلدان قد تجذب تركيا بإمكانياتها البترودولارية، عدا عن أن هذه التحالفات لن تقدم أي نتائج ملموسة، فإن تداعيات إضافية ممكنة وقوعها كعزل تركيا من سباق الفضاء. التعاون المؤسساتي الجاري بين تركيا والصين تحت APSCO ، التقارب مع وكالة الفضاء الأوروبية، والعلاقات المباشرة مع الجيش الأمريكي، هذا ما يحتاج إلى التعزيز. كما ينبغي على تركيا أن تسعى مستقبلاً للتعاون مع الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا.
يجب على الحكومة التركية إقامة تحالفات في سياساتها الفضائية خارج إطار هيمنة طبيعة سياساتها على الصعيد الخارجي. تصاعد الصراعات المسلحة في الشرق الأوسط وزيادة النفقات العسكرية في المستقبل القريب، قد تخلق مزاحمة في مواجهة وضع ميزانيات استكشاف الفضاء.
[starbox id=”none”]